ما هو الجزء في المخ الذي يسمح للجسم بالحركة؟ وكيف؟

إن تحريك أجسامنا يتطلب "محركات"، هذه المحركات هى المفاصل الهيكلية المتنوعة (وتسمى هكذا لأنها مرتبطة بهيكلنا وعندما نراقبها بالمجهر فتكون العضلات المكونة لها ذات أشكال متنوعة وبها نتوءات لذلك نقارنها بالعضلات الملساء). ويحكم نشاط هذه "المحركات" أوامر خلايا الجهاز العصبي التي نسميها الخلايا العصبية المحركة، وتتكون من جزئين: من ناحية الجسم الخلوي للخلايا العصبية المحركة الموجودة في الجزء القطني من النخاع الشوكي (الموجود في قناة فقرات العمود الفقري)، ومن ناحية أخرى الامتداد الطويل الذي نسميه المحور العصبي (ويصل طوله إلى ما يعادل الرجل أو الذراع بالنسبة للعضلات الموجودة في طرف القدم أو اليد، أي أكثر من متر!) مما يساعد في نقل المعلومات العصبية لنشاط العضلة. والأوامر الخاصة بذلك تصدر من الجسم الخلوي للخلايا العصبية المحركة، وذلك لا يكون بالطبع منعزلاً ولكنه يتلقى معلومات الخلايا العصبية التي في أصل هذا الأمر المحرك. ولتبسيط المسألة سوف نعد أصل هذه المعلومة في نوعين من الخلايا العصبية:- سواء تلك الموجودة في النخاع الشوكي والصادرة عن المستقبلات الباعثات الحسية، مثلاً المستقبلات الحسية الخاصة بالجلد تجاه الحرارة المرتفعة، التي تصدر معلومة تسمى "حسية تجاه الحرارة" عندما نضع يدنا دون قصد على الصفيحة الساخنة للبوتاجاز.
– هذه المعلومة يتم نقلها مباشرة للخلايا العصبية الحركية التي تأمر العضلات التي تنفذ حركة الذراع ومن ثم ننزع يدنا بسرعة من الصفيحة الساخنة لتفادي الاحتراق، وهو ما نسميه حركة رد الفعل.
– أو من خلال الخلايا العصبية المحركة الموجودة في المخ وهى الخلايا العصبية الخاصة بالحركة. وهذه الخلايا العصبية عددها كبير لأنها موزعة في عدة قطاعات في المخ، وتقوم كل واحدة منها بدور مهم في تنظيم الحركة. مثلاً، عندما نأخذ كوب ماء لكي نشرب، يبدو ذلك من أول وهلة كأنه حركة بسيطة إلا أنه حركة معقدة جداً: أولاً يجب مد الذراع إلى طول جيد للإمساك بالكوب ثم نقبض عليه بضغط مناسب بأصابع اليد لكي لا يسقط، أي نتحكم بالحركة ومن ثم درجة انقباض العضلات المختلفة لتوجيه الكوب للفم... الخ، كل هذه الحركات البسيطة في الظاهر، أي الانقباض المتتابع في الزمن والمكان يؤدي إلى تدخل العديد من تركيبات المخ لتنفيذ التواصل الجيد. والتركيبة الأساسية في المخ هى تلك المكونة من القشرة الدماغية المحركة (وسميت كذلك لأنها جزء من مكون "القشرة" المحيطة بالمخ) حيث توجد الخلايا العصبية للحركة، لكن هناك تركيبات أخرى على نفس الدرجة من الأهمية تتدخل في تنظيم الحركة، مثل المخيخ أو المجموعة التي نسميها "العقدة الأساسية"، عندما يتم تدمير أحدها في أي حادث أو بسبب أي مرض، يتعرض المريض إلى خلل في الحركة. وهذه هى حالة مرض باركنسون الشهير، مرض الشيخوخة (ويسمى المدمر للخلايا العصبية لأنه يدمر الخلايا الموجودة في هذه التركيبات)، لذا يعاني المريض من خلل مهم في التنسيق بين الحركات (ارتعاش في الأعضاء وصعوبة في المشي) وأساس المرض يحدث من تدمير أحدى العقد الأساسية حيث تتكون المادة السوداء لأن الخلايا العصبية تتلون.